كيف احب القراءة

Bushra a 5 مارس، 2021
كيف احب القراءة

“لا أحب القراءة ولكن أريد أن أصبح قارئاً”

هنا سأتحدث عن تجربتي مع القراءة والأشياء التي تعلمتها لأصبح قارئة أفضل.

 

كنت أيضاً على قناعة بأن الحكمة ليست في الكتب وإنما في التجربة الحياتية، أن تعيش وتغامر وتجرب. وهذا صحيح جزئياً، ولكن التجربة مهما كانت كبيرة ومتنوعة تظل شخصية، محدودة ومنحازة، ومع الوقت عرفت أن الكتب توسع الأفق وتسافر بِنَا وتخترق الحدود ونحن جلوس، تدخل بِنا ألى أرواح وعقول أخرى.

أولاً وقبل كل شيء لا يجب أن “تحب” القراءة لتصبح قارئاً. كخطوة أولى: ما يجب أن تحبه هو الكتاب الذي ستقرأه. إبدأ بكتب تناسب ميولك واهتماماتك وتتفق مع فكرك وما ترغب في تعلمه. قراءة أشياء لا تعجبك سيبعد عن فكرة القراءة. وإن صعب ذلك قم بإختيار كتب شكلها جميل، مصورة، جذابة، وقصيرة.

إذا كنت ملولا مثلي وترغب في ترك الكتاب في أقرب فرصة، تذكر أن الكتابة فعل تهذيب. أنت حرفياً تجلس وتنتبه لتستمع لصوت ليس صوتك، إلى ما يقوله شخص آخر. إمنح هذا الشخص الفرصة ليتكلم ويخبرك عن شيء يعرفه، وربما تعرفه أنت أيضاً. كن صبوراً حتى ينتهي من كلامه. وقّت كلامه بالصفحة والفصل.

لأن الهاتف والسوشل ميديا يأخذان حيزاً من الإنتباه لا يمكن إنكاره، يجب أن تتصارح مع هذه النقطة. كيف؟ ضع الهاتف على الصامت وأتركه بعيداً عنك واتفق مع نفسك أنك بعد عدد معين من الصفحات أو حتى السطور ستذهب وتتفقد هاتفك. بإمكانك زيارة هاتفك مراراً مقابل حصة معينة من القراءة، وهكذا.

تذكر أنه لا يجب أن تنتهي من الكتاب. قراءة الكتاب من الغلاف إلى الغلاف عمل خارق، والأعمال الخارقة للخارقين. المهم أن تتعرض له، وأن تقرأ منه قدر المستطاع لأنك بعد أي كم من القراءة أعلم مما كنت عليه قبل القراءة. حتى وإن كانت أفكار تعرفها سلفاً لأنها غالباً تقال بشكل مختلف وأفضل.

القراءة تساعدنا على ترتيب ورؤية أفكارنا بشكل أفضل وأكثر تنظيماً وفصاحة.القراءة نشاط ليس إنفرادي بالضرورة. إذا كان لديك صديق تعتبره قاريء جيد ويحب ما تحب أطلب توصياته أو اسأله لماذا يقرأ هذا الكتاب وماذا تعلم من ذاك. إتفق معه على القراءة معاً وبهذا يصبح كل منكما مشرفاً متابعاً ومشجعاً لتطور الآخر في القراءة، وبهذا تُفتح أفق ممتعة ومشوقة للحوار.

أعتبر الكتب الصوتية نعمة منزلة من السماء. الكتب الصوتية صعبة في البداية، ولكن مع الوقت تعتاد عليها بل وتحبها وتفضلها. أقضي ساعات طويلة في القيادة والطريقة الوحيدة لتزجية الوقت هي الإستماع لكتاب. ليس هذا فحسب، الكتب الصوتية تمنحك فرصة قراءة كتب كثيرة في وقت قصير جداً.

مثلاً، أنهيت، وأنا منتبهة ومستمتعة للغاية، من سلسلة الإخوة كارامازوف في أقل من شهر، والشكر لصاحب قناة روايات مسموعة، بهاء زايد. هذه قناته.

من هنا

إذا كنت تبحث عن كتب صوتية عربية إبحث عن الكتاب قبل القناة. على الأقل هذا ما أفعله لأنه أسهل وأكثر عملية. الكتب الصوتية التي تبحث عنها قد لا تتوفر في مكان واحد فقط، وقد تجد جزء هنا وجزء هناك.

LibriVox Recordings لمن يرغب في الكتب الإنجليزية المسموعة إليه هذا الموقع الغني جداً بكثير من الكتب العظيمة والمتوفرة مجاناً. يقوم بتسجيلها وجمعها متطوعون. للدخول من هنا

هنا قناة تنشر تسجيلاتهم على يوتوب، لكن تابعوا الموقع الأصلي للتحديثات. من هنا

أيضاً، إذا كان صوتك جميل وقراءتك الإنجليزية واضحة وتحب التطوع مع LibriVox لقراءة كتاب فلا تتأخر، وبهذا تكون مستفيد ومفيد.

Lit2Go موقع أكثر من رائع لمن يتعلم الإنجليزية أو يعلمها لأنه يوفر النص المسموع والمقروء مع أسئلة مصاحبة (بدون إجابات). شخصياً لا أستخدمه ولكنني أحبه وأشكر من صنعه على هذه الخدمة المجانية العظيمة.

للدخول من هنا

حتماً هناك الكثير والكثير جداً من المواقع التي توفر الكتب الصوتية المجانية والPDF ولكن تظل غير موجودة إذا لم نبذل جهداً جاداً في الوصول إليها ومنحها بعضاً من وقتنا. الخطوة الأولى هي أساس التقدم. إبدأ وستصل ولو بعد حين.

هل أقرأ ما تتحدث عنه السوشل ميديا؟ دور النشر؟ أم المقررات أم ما نحب أم ما يجب؟ هل نهرب من ضغط المشاهير والكتب المشهورة التي يبدو أن الجميع قرأها إلا نحن أم ننضم؟ لا يهم ماذا تفعل. المهم هو أن تكتسب عادة القراءة وتستمر. نوع من التوهان لابد منه، ومع الوقت تنتقي بشكل أذكى وأسرع.

حين تنجح في تخصيص نوع وكم الكتب التي ستقرأها ليس الأهم جعلها سنوية أو شهرية، لكن الأهم جعلها كتباً على قائمتك. قم بوضعها في قوائم للكتب المرغوبة والمقرؤة. هذا سيساعدك في رؤية نجاحك وإنجازك وسيمنحك شعوراً بالثقة ورغبة في المزيد من التقدم. إذا انتهيت افتخر بنفسك وانشر الخبر.

حاصر نفسك بالكتب، وتذكر أن عليك واجب تجاه الكتاب الذي بدأته وعامله كصديق له عليك حق. قم بزيارته وإن كانت زيارة مقتضبة قصيرة، وعامله بأقل مزاجية ممكنة وبنوع من الشعور بالإلتزام لأن القراءة المزاجية لغير المتمرس تُفسد أي محاولة تطوير وإكتساب للقراءة كعادة أو مهارة حقيقية.نحن لا نكتسب المهارة من العمل المزاجي المتقلب ولكن من العمل المتسق الواعي.لاحظ أن أفضل القرّاء هم الفضولي، خريج الجامعة ومن حرم من التعليم. الفضولي يقرأ لأنه يرغب بالمعرفة والجامعي تدرب وإعتاد على القراءة، ومن حُرم من التعليم يحاول التعويض. إبحث عن السبب الذي سيدفعك لأن تقرأ، حتى وإن كان سطحياً كأن تبدو جذاباً إجتماعياً، لا بأس. الأهم هو أن تقرأ.

إقرأ لشخص آخر. عندما وصلني كتاب رسائل كافكا إلى ميلينا كانت أمي في زيارتي وكنت أريد قضاء وقت معها ومع الكتاب، فقررت عمل الإثنين وجلست وقرأت لأمي الرسائل، ولم أستطع التوقف عن الضحك بسبب تعليقات أمي ما دفعني لقراءة رسالة كافكا لوالده عليها أيضاً. تلك تجربة وذكريات لا تُنسى.

حالما تعتاد على القراءة إسمح لنفسك أن تتوسع في المطالعة وألا تتمسك بقراءة ما يعجبك فقط ويتوافق مع ما تؤمن به فحسب، لأن الهدف هو توسيع أفقنا. الجميع قادر على إفادتنا حتى من لا نحب أو نتفق معه. إختر الكتب بشجاعة، لا تخف من ردة فعل الآخرين على نوعية الكتب التي تقرأ، كن جريئاً.

القراءة تعلمنا الشجاعة والصبر وتهذيب النفس والتفكير قبل الكلام وتقييم الآخرين وأنفسنا بموضوعية. ستشعر بذلك وبأنك أقوى بعد كل كتاب. القراءة إستراحة ونزهة ورحلة، تغذية ذهنية وروحية، ترتقي بك وتؤثر على طريقة كلامك وتفكيرك وجودة حياتك. إن لم تقدم هذه الخدمة لنفسك لن يقدمها لك أحد.